الكلام المتين في تحرير البراهين
لـ أبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي
![]() |
Al-kalam-ul-mateen-fi-tahreer-al-buraheen-by-abdul-hai-lakhnawi |
فقد قامت الفلسفة الإسلامية توسعة لدائرة البحث الكلامي المتقدة جذوتها بين الفرق الإسلامية الكبرى؛ بغية إحكام البناء، واستهدافا لقوة البرهان، استعان في ذلك المسلمون بمناهج البحث الفلسفي وطرائقه عند اليونان؛ حتى تكون للمسلمين فلسفة جديدة تخدم البحث الكلامي وتطلب غاياته وأهدافه، وكان من أهم هذه الغايات إثبات الواجب جل وعز بالبراهين العقلية، والتي أحدها بيان الاستحالة العقلية للتسلسل.
لقد كان التسلسل، أو لنقل: اللانهائية، من أعقد المواضيع الفلسفية وأهمها، ولا زالت بدأ تأريخ بحثها منذ الحضارة اليونانية؛ في عصر زينون الإيلي الفيلسوف اليوناني بمفارقاته المشهورة، مرورًا بالحضارة الإسلامية في الشرق، فعصر النهضة في الغرب، وانتهاء إلى عصرنا الحاضر.
ولهذه الأهمية قلما خلا مؤلف في الفلسفة الإسلامية؛ إلهية أو طبيعية، من بحث اللانهائية أو التسلسل وبراهين إبطالها، والتي قام عليها كبار فلاسفة الإسلام بما توفر لهم من علوم ومعارف، وجرى ذكر أهم هذه البراهين في أمهات كتب الكلام والفلسفة كالمواقف وغيرها.
وقد عمد الإمام العلامة الحافظ المتفنن محمد عبد الحي اللكنوي عليه سحائب رضوان الله ومغفرته، إلى مؤلف يجمع فيه شتات هذه البراهين، فكانت المسماة بـ (الكلام المتين في تحرير البراهين)، وهو جمع واستقراء لم يتفق لمؤلّف قبله، مهد لذلك بمقدمة، أتبعها باثنين وخمسين برهانا، لم يقتصر فيها رحمه الله على مجرد الجمع؛ بل أعمل فيها النقد إما بما ورد من كتب السابقين أو بما يراه هو، واختتمه بخاتمة في تناهي الأبعاد والأجسام ليحوز قصب السبق بمؤلفه، وليكون هذا المؤلف صورة صادقة لما وصلت إليه الفلسفة الإسلامية في طورها الأخير قبل الاصطدام بالمعارف الأوروبية الجديدة.
الكلام المتين في تحرير البراهي
والإمام اللكنوي وإن كان مشتهرًا بالفقه والأثر؛ إلا أن له اليد الطولى في علوم الحكمة والفلسفة الإسلامية في عصره، فله حواشي المواقف، وحواش على الشمس البازغة، وغير ذلك مما سيحيلنا عليه في هذه الرسالة.
وقد طبعت هذه الرسالة مرات طبعة حجرية، منها واحدة في حياة المصنف، وقد رأيت خدمتها وإخراجها بما عساه يليق بها؛ لتكون في أيدي طلبة العلم والمهتمين بالفلسفة الإسلامية.
هذا وأسأل الله سبحانه أن يوفقنا لما فيه الخير في الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.